فصل: مسألة (706): لا يجوز اتباع المنهزم من البغاة، ولا يجاز على جريحهم.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***


مسائل القسامة

مسألة ‏(‏704‏)‏‏:‏ يبدأ في القسامة بأيمان المدَّعين‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ بأيمان المدَّعى عليهم‏.‏

2936- قال مسلم بن الحجَّاج‏:‏ حدَّثنا قتيبة ثنا ليث عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة قال‏:‏ خرج عبد الله بن سهل ومُحَيِّصة بن مسعود حتَّى إذا كانا بخيبر تفرَّقا في بعض ما هنالك، فإذا مُحَيِّصة يجد عبد الله بن سهل قتيلا، فدفنه، ثم أقبل إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو وحُوَيِّصة بن مسعود وعبد الرحمن بن سهل- وكان أصغر القوم-، فذهب عبد الرحمن ليتكلم قبل صاحبيه، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏كبِّر‏"‏‏.‏

فصمت، وتكلَّم صاحباه، وتكلَّم معهما، فذكروا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقتل عبد الله بن سهل، فقال لهم‏:‏ ‏"‏أتحلفون خمسين يمينا فتستحقون صاحبكم- أو قاتلكم-‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ وكيف نحلف ولم نشهد‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ ‏"‏فتبرئكم يهود بخمسين يمينا‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ وكيف نقبل أيمان قوم كفَّار‏؟‏‏!‏ فلما رأى ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعطى عقله‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ فقد روي في ‏"‏ الصحيح ‏"‏ غير ما قلتم‏:‏

2937- قال البخاريُّ‏:‏ حدَّثنا أبو نعيم ثنا سعيد بن عبيد عن بشير بن يسار زعم أنَّ رجلاً من الأنصار- يقال له‏:‏ سهل بن أبي حثمة- أخبره‏:‏ أنَّ نفرًا من قومه انطلقوا إلى خيبر، فتفرقوا فيها، ووجدوا أحدهم قتيلا، فانطلقوا، فأخبروا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال لهم‏:‏ ‏"‏تأتون بالبيِّنة على من قتله‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ ما لنا بيِّنة‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏فيحلفون‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ لا نرضى بأيمان اليهود‏.‏

فكره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبطل دمه، فوداه بمائة من إبل الصدقة‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين ‏"‏ أيضًا‏.‏

قلنا‏:‏ الأكثر عل ما ذكرنا، وما رويتم يرويه سعيد بن عبيد، وروايتنا أولى لكثرة من رواها، وكمال لفظها، فإنه ليس في حديثكم إلا عرض اليمين على المدَّعى عليهم، وذلك في حديثنا أيضًا، ولكن بعد عرضها على المدّعي، فبان أن روايتنا تضمنت زيادة لم يضبطها من لم يروها‏.‏

ويدل على ما قلنا‏:‏ قوله عليه السلام‏:‏ ‏"‏البيِّنة على من ادَّعى، واليمين على من أنكر، إلا في القسامة‏"‏‏.‏

وسيأتي بإسناده في الأيمان إن شاء الله تعالى‏.‏

مسألة ‏(‏705‏)‏‏:‏ إذا انتقل الذِّمِّيُّ إلى دين من أديان الكفر، لم يقبل منه سوى الإسلام‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يقرُّ‏.‏

وعن الشافعيِّ قولان‏.‏

2938- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا عفَّان ثنا حمَّاد بن زيد ثنا أيُّوب عن عكرمة عن ابن عبَّاس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من بدَّل دينه فاقتلوه‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه البخاريُّ عن أبي النعمان محمَّد بن الفضل عن حمَّاد O‏.‏

مسألة ‏(‏706‏)‏‏:‏ لا يجوز اتباع المنهزم من البغاة، ولا يجاز على جريحهم‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ إن كان لهم فئة يرجعون إليها، جاز ذلك‏.‏

2939- قال سعيد بن منصور‏:‏ ثنا عبد العزيز بن محمَّد عن جعفر بن محمَّد عن أبيه عن عليِّ بن حسين عن مووان بن الحكم قال‏:‏ صرخ صارخ لعليٍّ عليه السلام يوم الجمل‏:‏ لا يقتلن مدبر، ولا يدفف على جريحٍ، ومن أغلق باب داره فهو آمنٌ، ومن طرح السلاح فهو آمنٌ‏.‏

ز‏:‏ 2940- قال البيهقيُّ‏:‏ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر بن أحمد بن الحسن القاضي قالا‏:‏ ثنا أبو العباس محمَّد بن يعقوب ثنا يوسف بن عبد الله الخوارزمي ثنا أبو نصر التمَّار ‏(‏ح‏)‏ وأنا أبو عبد الله الحافظ حدَّثني أبو بكر محمَّد بن أحمد بن بالويه ثنا أحمد بن عليٍّ الخراز ثنا أبو نصر التمَّار ثنا كوثر ابن حكيم عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن مسعود‏:‏ ‏"‏يا ابن مسعود، أتدري ما حكم الله فيمن بغى من هذه الأمة‏؟‏‏"‏‏.‏

قال ابن مسعود‏:‏ الله ورسوله أعلم‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏فإن حكم الله فيهم‏:‏ أن لا يتبع مدبرهم، ولا يقتل أسيرهم، ولا يدفف على جريحهم‏"‏‏.‏

لفظ حديث الخراز، وفي رواية الخوارزمي‏:‏ ‏"‏لا يجاز على جريحهم، ولا يقسم فيهم‏"‏‏.‏

هذا حديث ضعيفٌ، غير ثابتٍ، تفرَّد به كوثر بن حكيم، وأحاديثه بواطيل، ليس بشيء‏.‏

قاله الإمام أحمد، وقال البخاريُّ‏:‏ منكر الحديث‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ متروك الحديث‏.‏

وقد روى ابن عَدِيٍّ هذا الحديث في ترجمته عن الحسن بن عليٍّ بن سليمان عن أبي نصر، وقال‏:‏ عامَّة ما يرويه غير محفوظٍ O‏.‏

مسائل الحدود

مسألة ‏(‏707‏)‏‏:‏ يجتمع الجلد والرجم في حقِّ الزاني المحصن، وبه قال داود‏.‏

وعنه‏:‏ لا يجتمعان، كقول أكثرهم‏.‏

لنا ثلاثة أحاديث‏:‏ 2941- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن حطَّان بن عبد الله الرقاشيِّ عن عبادة بن الصامت قال‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا نزل عليه الوحي، أثر عليه كرب لذلك، وتربَّد وجهه، فأنزل الله عزَّ وجلَّ عليه ذات يوم، فلمَّا سري عنه، قال‏:‏ ‏"‏خذوا عنِّي، قد جعل الله لهنَّ سبيلا، الثيّب بالثيّب، والبكر بالبكر، الثيّب جلد مائة، ورجم بالحجارة؛ والبكر جلد مائة، ثم نفي سنة‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه مسلمٌ‏.‏

2942- الحديث الثاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ وثنا وكيع قال‏:‏ ثنا الفضل بن دلهم عن الحسن عن قبيصة بن حريث عن سلمة بن المحبِّق قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏خذوا عنِّي‏:‏، خذوا عنِّي، قد جعل الله لهنَّ سبيلا، البكر بالبكر، جلد مائة، ونفي سنة، والثيِّب بالثيِّب، جلد مائة، والرجم‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هكذا رواه وكيع عن الفضل، وهو وهمٌ، وإنَّما المحفوظ بهذا الإسناد‏:‏ أنَّ رجلاً وقع على جارية امرأته

وقد رواه أبو داود عن محمَّد بن عوف الطائيِّ عن الربيع بن روح عن خليد عن محمَّد بن خالد- يعني الوهبيَّّ- عن الفضل بن دَلْهَم عن الحسن عن سلمة بن المحبّق عن عبادة وطوّله‏.‏

والاضطراب في ذلك من الفضل بن دلهم، قال أبو داود‏:‏ والفضل بن دلهم ليس بالحافظ، كان قصابا بواسط‏.‏

وقال ابن أبي حاتم‏:‏ سألت أبي عن حديث رواه الفضل بن دَلْهَم عن الحسن عن قبيصة بن حريث عن سلمة بن المحبّق عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا

‏"‏ الحديث‏.‏

قال أبي‏:‏ هذا خطأ، إنما أراد الحسن عن حطان عن عبادة بن الصامت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

الحديث O‏.‏

2943- الحديث الثالث‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا حسين بن محمَّد ثنا شعبة عن سلمة ومجالد عن الشعبيِّ أنَّهما سمعاه يحدِّث أنَّ عليًّا حين رجم المرأة من أهل الكوفة‏:‏ ضربها يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة، وقال‏:‏ أجلدها بكتاب الله، وأرجمها بسنَّة نبيِّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

ز‏:‏ رواه البخاريُّ عن آدم عن شعبة عن سلمة بن كهيل- وحده- عن الشعبيِّ، ورواه النَّسائيُّ من رواية شعبة عنهما‏.‏

2944- وقال الطحاويُّ‏:‏ حدَّثنا عليُّ بن شيبة ثنا يحيى بن يحيى ثنا أبو الأحوص عن سماك عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال‏:‏ جاءت امرأة من همدان- يقال لها شراحة- إلى عليٍّ رضي الله عنه فقالت‏:‏ إني زنيت‏.‏

فرددها حتَّى شهدت على نفسها أربع شهادات، فأمر بها فجلدت، ثم أمر بها فرجمت‏.‏

حدَّثنا روح بن الفرج ثنا يوسف بن عَدِيٍّ ثنا أبو الأحوص‏.‏

فذكر بإسناده مثله‏.‏

2945- وقال أيضًا‏:‏ ثنا يونس أنا ابن وهب قال‏:‏ سمعت ابن جريج يحدِّث عن أبي الزبير عن جابر أنَّ رجلاً زنى، فأمر به النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجلد، ثم أخبر أنَّه قد كان أحصن، فأمر به فرجم‏.‏

رواه أبو داود عن قتيبة بن سعيد وأبي الطاهر بن السرح كلاهما عن ابن وهب به‏.‏

ورواه عن محمَّد بن عبد الرحيم البزَّاز عن أبي عاصم عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر أنَّ رجلاً زنى، فلم يُعلم بإحصانه، فجلد، ثم عُلم بإحصانه، فرجم‏.‏

ولم يذكر النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

ورواه النَّسائيُّ‏!‏ عن قتيبة به- وقال‏:‏ لا أعلم أنَّ أحدًا رفع هذا الحديث غير ابن وهب-، وعن محمَّد بن بشَّار عن أبي عاصم به موقوفًا، وقال‏:‏ هذا هو الصواب، والذي قبله خطأ، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏708‏)‏‏:‏ الإسلام ليس بشرطٍ في الإحصان‏.‏

وقال أبو حنيفة ومالك‏:‏ هو شرطٌ‏.‏

لنا حديثان‏:‏ 2946- الحديث الأوَّل‏:‏ قال عبد الله بن الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا شريك بن عبد الله عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال‏:‏ رجم النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يهوديًّا ويهوديَّة‏.‏

ز‏:‏ رواه الترمذيُّ عن هنَّاد بن السَّريِّ، ورواه ابن ماجة عن إسماعيل بن موسى، كلاهما عن شريك به‏.‏

وقال الترمذيُّ‏:‏ حديثٌ حسنٌ غريبٌ‏.‏

وقال أبو الحسن القافلاني‏:‏ ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال‏:‏ حضرت أبي، فسمع من محمَّد بن جعفر الوركانيِّ، فمرَّ على حديث شريك عن سماك عن عكرمة أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجم يهوديًّا ويهوديَّة، فقال أبي‏:‏ يا أبا عمران، إنما هذا عن شريك عن سماك عن جابر بن سمرة، فلعل شريكًا سبقه لسانه‏.‏

فقال الوركانيُّ‏:‏ قد نظر يحيى بن معين في هذا‏.‏

فقال أبي‏:‏ وما يدري يحيى بن معين‏؟‏ وكل شيء يعرفه يحيى‏؟‏‏!‏ اضرب عليه‏.‏

فضرب عليه O‏.‏

2947- الحديث الثاني‏:‏ قال الترمذيُّ‏:‏ حدَّثنا إسحاق بن موسى الأنصاريُّ ثنا معن ثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجم يهوديًّا ويهوديَّة‏.‏

ز‏:‏ هكذا رواه الترمذيُّ وصحَّحه، وهو مختصرٌ من حديث‏:‏ أنَّ اليهود جاؤوا إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكروا له أن رجلاً منهم وامرأة زنيا‏.‏

الحديث‏.‏

وهو في ‏"‏ الصحيحين ‏"‏ من حديث مالك، والله أعلم O‏.‏

احتجُّوا بحديثين‏:‏ 2948- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا أحمد بن الحسين بن الجنيد ثنا الحسن بن عرفة ثنا عيسى بن يونس عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن عليِّ بن أبي طلحة عن كعب بن مالك أنَّه أراد أن يتزوَّج يهوديَّة أو نصرانيَّة، فسأل النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك، فنهاه عنه، وقال‏:‏ ‏"‏إنَّها لا تحصنك‏"‏‏.‏

2949- الحديث الثاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا دَعْلَج ثنا ابن شيرويه ثنا إسحاق ثنا عبد العزيز بن محمَّد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏من أشرك بالله فليس بمحصن‏"‏‏.‏

والجواب‏:‏ أنَّ الحديثين لا يثبتان، قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ أبو بكر بن أبي مريم ضعيفٌ جدًّا، وعليُّ بن أبي طلحة لم يدرك كعبًا‏.‏

وحديث ابن عمر‏:‏ لم يرفعه غير إسحاق، ويقال إنَّه رجع عنه، والصواب أنَّه موقوفٌ‏.‏

ز‏:‏ حديث كعب‏:‏ رواه سعيد بن منصور عن عيسى بن يونس، ورواه أيضًا أبو داود في ‏"‏ المراسيل ‏"‏ من رواية بقية بن الوليد عن أبي سبأ عتبة بن ‏[‏تميم‏]‏ عن عليِّ بن أبي طلحة عن كعب، وهو منقطعٌ‏.‏

قاله البيهقيُّ‏.‏

وعتبة‏:‏ وثَّقه ابن حِبَّان‏.‏

وحديث ابن عمر‏:‏ رواه الحاكم أبو أحمد عن أبي العبَّاس أحمد بن محمَّد ابن الحسين الماسرجسيِّ عن إسحاق، وقال‏:‏ هذا حديثٌ غريبٌ من حديث عبيد الله بن عمر العدويِّ عن ناقع عن ابن عمر، لا أعلم أحدًا حدَّث به غير إسحاق الحنظليّ عن عبد العزيز بن محمَّد بن عبيد بن أبي عبيد الجهنيِّ الدراورديِّ‏.‏

وقد سُئل عنه الدَّارَقُطْنِيُّ، فقال‏:‏ رواه عفيف بن سالم عن الثوريِّ عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حدَّث به أحمد بن أبي نافع الموصليُّ، واختلف عنه، فرواه التمتام عن أحمد بن أبي نافع عن المعافى عن عمران عن الثوريِّ، وغيره يرويه عن أحمد بن أبي نافع عن عفيف بن سالم، وهو الصواب‏.‏

وخالفه أبو أحمد الزبيريُّ، فرواه عن الثوريِّ عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر موقوفًا، وهو أصحُّ‏.‏

وروي عن إسحاق بن راهويه عن الدراورديِّ عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا، والصحيح موقوفٌ‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ في موضع آخر‏:‏ وهم عفيف في رفعه، والصواب موقوفٌ من قول ابن عمر‏:‏ 2950- ثنا عبد الله بن خشيش ثنا سلم بن جنادة ثنا وكيع عن سفيان عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ من أشرك بالله فليس بمحصن‏.‏

2951- وقال البيهقيُّ‏:‏ أنا أبو نصر بن قتادة أنا عليُّ بن الفضل بن محمَّد ابن عقيل ثنا إبراهيم بن هاشم البيعويُّ ثنا عبد الله بن محمَّد بن أسماء حدَّثني جويرية عن نافع أنَّ عبد الله بن عمر كان يقول‏:‏ من أشرك بالله فليس بمحصن‏.‏

هكذا رواه أصحاب نافع عن نافع O‏.‏

مسألة ‏(‏709‏)‏‏:‏ جراح المرأة تساوي جراح الرَّجل فيما دون الثلث، فإذا بلغ الثلث فعلى روايتين‏:‏ إحداهما‏:‏ تساويه؛ والثانية‏:‏ تكون على النصف منه‏.‏

وقال أبو حنيفة والشافعيُّ- في الجديد-‏:‏ تكون على النصف منه، في القليل والكثير‏.‏

2952- قال النَّسائيُّ‏:‏ أخبرنا عيسى بن يونس ثنا ضمرة عن إسماعيل ابن عيَّاش عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏عقل المرأة مثل عقل الرجل، حتَّى يبلغ الثلث من ديتها‏"‏‏.‏

ز‏:‏ ابن جريج حجازيٌّ، وإسماعيل بن عيَّاش ضعيفٌ في روايته عن الحجازيين، والله أعلم O‏.‏

2953- وقال سعيد بن منصور‏:‏ ثنا هشيم ثنا أشعث بن عبد الملك عن الحسن وابن سيرين أنَّهما كانا يقولان‏:‏ القصاص بين الرجل والمرأة فيما كان من العمد إلى ثلث الدِّية‏.‏

2954- وقال هشيم عن الشيبانيِّ وابن أبي ليلى وزكريا عن الشعبيِّ أنَّ عليًّا- عليه السلام- كان يقول‏:‏ جراحات النساء على النصف من دية الرجل، فيما قلَّ أو كثر‏.‏

ز‏:‏ 2955- قال أبو القاسم البيعويُّ‏:‏ ثنا عليُّ بن الجعد أنا شعبة عن الحكم عن الشعبيِّ عن زيد بن ثابت أنَّه قال‏:‏ جراحات الرجل والنساء سواء إلى الثلث، فما زاد فعلى النصف‏.‏

وقال ابن مسعود‏:‏ إلا السن والموضحة، فإنها سواء، وما زاد فعلى النصف‏.‏

وقال عليُّ بن أبي طالب‏:‏ على النصف في كلِّ شيءٍ‏.‏

قال‏:‏ وكان قول عليٍّ رضي الله عنه أعجبها إلى الشعبيِّ‏.‏

2956- وقال بحر بن نصر‏:‏ ثنا عبد الله بن وهب حدَّثني مالك وأسامة بن زيد الليثيُّ وسفيان الثوريُّ عن ربيعة أنَّه سأل سعيد بن المسيّب‏:‏ كم في أصبع المرأة‏؟‏ قال‏:‏ عشر‏.‏

قال‏:‏ كم في اثنتين‏؟‏ قال‏:‏ عشرون‏.‏

قال‏:‏ كم في ثلاث‏؟‏ قال‏:‏ ثلاثون‏؟‏ قال‏:‏ كم في أربع‏؟‏ قال‏:‏ عشرون‏.‏

قال ربيعة‏:‏ حين عظم جرحها، واشتدت مصيبتها، نقص عقلها‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ أعراقيٌّ أنت‏؟‏ قال ربيعة‏:‏ عالم متثبت، أو جاهل متعلم‏.‏

قال‏:‏ يا ابن أخي، إنها السنَّة O‏.‏

مسألة ‏(‏710‏)‏‏:‏ دية الذِّمِّيِّ إذا قتله مسلمٌ عمدًا مثل دية المسلم، فإن قتله خطأٌ فعلى روايتين‏:‏ إحداهما‏:‏ نصف الدِّية؛ والثانية‏:‏ ثلث الدِّية‏.‏

وأمَّا المجوسيُّ فديته ثمان مائة درهم‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ دية الكافر مثل دية المسلم، في العمد والخطأ‏.‏

وقال مالكٌ‏:‏ نصف دية المسلم‏.‏

وقال الشافعيُّ‏:‏ دية الذِّمِّيِّ ثلث الدِّية، في الخطأ والعمد‏.‏

وقال في المجوسيِّ كقولنا‏.‏

استدلَّ أصحابنا على ما إذا قتله عمدًا بثلاثة أحاديث‏:‏

2957- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ حدَّثنا عليُّ بن إبراهيم بن حمَّاد ثنا أحمد بن يحيى الحلوانيُّ ثنا عليُّ بن الجعد قال‏:‏ أخبرني أبو كرز القرشيُّ عن نافع عن ابن عمر أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏دية ذمِّيٌّ دية مسلم‏"‏‏.‏

2958- الحديث الثاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا يوسف بن يعقوب ابن بهلول ثنا جدِّي ثنا أبي ثنا عثمان بن عبد الرحمن عن الزهريِّ عن عليِّ بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل دية المعاهد كدية المسلم‏.‏

2959- الحديث الثالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ وحدَّثنا إسماعيل بن محمَّد الصفَّار ثنا العبَّاس بن محمَّد الدوريُّ ثنا أحمد بن يونس ثنا أبو بكر بن عيَّاش عن أبي سعد عن عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ جعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دية العامرين دية المسلم‏.‏

قال أبو بكر‏:‏ كان لهما عهد‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ الأحاديث الثلاثة ضعاف بمرَّة‏.‏

أمَّا الأوَّل‏:‏ فقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ لم يروه عن نافع غير أبي كرز، واسمه‏:‏ عبد الله بن عبد الملك الفهريُّ، وهو متروكٌ‏.‏

قال‏:‏ وهذا الحديث باطلٌ، لا أصل له‏.‏

وكذلك قال ابن حبان‏:‏ هذا باطلٌ لا أصل له من كلام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا يحلُّ الاحتجاج بأبي كرز‏.‏

وأمَّا الثاني‏:‏ فعثمان هو‏:‏ الوقَّاصيُّ، وهو متروكٌ‏.‏

وأمَّا الثالث‏:‏ فأبو سعد هو‏:‏ سعيد بن المَرزُبان البقَّال، قال يحيى‏:‏ ليس بشيء، ولا يكتب حديثه‏.‏

وقال الفلاس‏:‏ متروكٌ‏.‏

ز‏:‏ هذه الأحاديث لم يخرجوا شيئًا منها، إلا حديث أبي بكر بن عيَّاش، فإنَّ الترمذيَّ رواه عن أبي كريب عن يحيى بن آدم عنه، ولفظه‏:‏ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودى العامريين بدية المسلمين، وكان لهما عهد من النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وقال‏:‏ لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وأبو سعد البقَّال هو‏:‏ سعيد بن المَرْزُبان‏.‏

وقد رواه البيهقيُّ من رواية الحسن بن عمارة عن الحكم عن مِقْسم عن ابن عبَّاس قال‏:‏ ودى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلين من المشركن- وكانا منه في عهد- دية الحرِّ من المسلمين‏.‏

وقال‏:‏ والحسن بن عمارة متروكٌ، لا يحتجُّ به‏.‏

وأمَّا حديث الوقَّاصيِّ عن الزهريِّ‏:‏ فباطلٌ، والمعروف بإسناده‏:‏ ‏"‏لا يرث المسلم الكافر‏"‏‏.‏

والإمام أحمد رحمه الله‏:‏ لم يستدل بشيء من هذه الأحاديث الضعيفة على إضعاف الدية في قتل المسلمِ الذِمِّيَّ عمدًا، إنَّما احتجَّ‏:‏ 2960- بما رواه عن عبد الرزَّاق عن معمر عن الزهريِّ عن سالم عن أبيه أنَّ رجلاً قتل رجلاً من أهل الذِّمَّة، فرفع إلى عثمان، فلم يقتله، وغلَّظ عليه ألف دينار O‏.‏

واستدلُّوا على ما إذا قتله خطأ‏:‏ 2961- بما رواه الإمام أحمد، قال‏:‏ حدَّثنا يزيد أنا محمَّد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه عبد الله بن عمرو عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال‏:‏ ‏"‏دية الكافر نصف دية المسلم‏"‏‏.‏

2962- قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا أبو النضر ثنا محمَّد بن راشد ثنا سليمان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى أنَّ عقل أهل الكتابين نصف عقل المسلم، وهم اليهود والنصارى‏.‏

وهذا يحمل على قتل الخطأ‏.‏

ز‏:‏ حديث ابن إسحاق عن عمرو‏:‏ رواه أبو داود، ولفظه‏:‏ ‏"‏دية المعاهد نصف دية الحرِّ‏"‏‏.‏

وحديث سليمان عن عمرو‏:‏ رواه النَّسائيُّ عن عمرو بن عليٍّ عن عبد الرحمن عن محمَّد بن راشد‏.‏

وقد رواه الترمذيُّ والنَّسائيُّ من حديث أسامة بن زيد الليثيِّ عن عمرو، وحسَّنه الترمذيُّ‏.‏

ورواه ابن ماجة من رواية عبد الرحمن بن عيَّاش عن عمرو‏.‏

2963- وقد روى جعفر بن عون عن ابن جريج قال‏:‏ أخبرني عمرو ابن شعيب أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرض على كلِّ مسلمٍ قتَلَ رجلاً من أهل الكتاب أربعة آلاف‏.‏

هكذا روي مرسلاً، والله أعلم O‏.‏

فأمَّا دية المجوسيِّ‏:‏ 2964- فروى الدَّارَقُطْنِيُّ، قال‏:‏ حدَّثنا عثمان بن أحمد الدَّقَّاق ثنا الحسن بن سلام ثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة ثنا منصور بن المعتمر عن ثابت أبي المقدام عن سعيد بن المسيَّب أنَّ عمر جعل دية اليهوديِّ والنصرانيِّ أربعة آلاف، والمجوسيِّ ثمانمائة‏.‏

ز‏:‏ رواه الشافعيُّ عن فضيل بن عياض عن منصور‏.‏

2965- وقال ابن وهب‏:‏ أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شهاب أنَّ عليًّا وابن مسعود رضي الله عنهما كانا يقولان في دية المجوسيِّ‏:‏ ثمانمائة درهم‏.‏

وقد رواه أبو صالح كاتب الليث عن ابن لهيعة عن يزيد عن أبي الخير عن عقبة بن عامر مرفوعًا، وهو غير محفوظٍ، والله أعلم O‏.‏

احتجُّوا‏:‏ بالأحاديث المتقدِّمة‏:‏ أنَّ دية اليهوديِّ والنصرانيِّ مثل دية المسلم‏.‏

وهذا محمول على قتله عمدًا‏.‏

مسألة ‏(‏711‏)‏‏:‏ قيمة العبد إذا قُتِل خطأ في مال الجاني، وكذا الجناية على أطرافه‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ بدل نفسه على عاقلة الجاني، والأطراف في ماله‏.‏

وعن الشافعيِّ كقولنا، وعنه‏:‏ أن الجميع على العاقلة‏.‏

لنا‏:‏ 2966- ما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ، قال‏:‏ حدَّثنا القاسم بن إسماعيل ثنا سلم ابن جنادة ثنا وكيع عن عبد الملك بن حسين النخعيِّ عن عبد الله بن أبي السفر عن عامر عن عمر قال‏:‏ العمد، والعبد، والصلح، والاعتراف، لا تعقله العاقلة‏.‏

ز‏:‏ الشعبيُّ عن عمر‏:‏ منقطعٌ، قال ابن أبي حاتم‏:‏ سمعت أبي وأبا زرعة يقولان‏:‏ الشعبيُّ عن عمر مرسلٌ‏.‏

وعبد الملك بن حسين هو‏:‏ أبو مالك النخعيُّ، وقد ضعَّفوه، وقال الأزديُّ‏:‏ متروك الحديث O‏.‏

مسألة ‏(‏712‏)‏‏:‏ اللواط يوجب الحدَّ‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يوجب التعزير‏.‏

2967- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا أبو القاسم بن أبي الزناد قال‏:‏ أخبرني ابن أبي حبيبة وداود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عبَّاس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏اقتلوا الفاعل والمفعول به في عمل قوم لوط، والبهيمة والواقع على البهيمة، ومن وقع على ذات محرم فاقتلوه‏"‏‏.‏

ز‏:‏ كذا فيه‏:‏ ‏(‏أخبرني ابن أبي حبيبة وداود‏)‏ وهو خطأ، والصواب‏:‏ ‏(‏عن داود‏)‏‏.‏

وقد رواه ابن ماجة عن عبد الرحمن بن إبراهيم عن ابن أبي فديك عن إبراهيم بن إسماعيل- وهو ابن أبي حبيبة- عن داود، ولم يذكر القصة الأولى‏.‏

وإبراهيم‏:‏ يضعف في الحديث‏.‏

قاله الترمذيُّ، لكن قد تابعه غيره عن داود، وقد رواه غير داود عن عكرمة O‏.‏

مسألة ‏(‏713‏)‏‏:‏ إتيان البهيمة يوجب الحدَّ كحدِّ اللوطيِّ‏.‏

وعنه‏:‏ يوجب التعزير، كقول أبي حنيفة ومالك‏.‏

لنا‏:‏ الحديث المتقدِّم‏.‏

2968- وقال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا أبو سعيد قال‏:‏ ثنا سليمان بن بلال عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عبَّاس أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏من وقع على بهيمة فاقتلوه، واقتلوا البهيمة‏"‏‏.‏

ز‏:‏ حديث عمرو‏:‏ رواه أبو داود والترمذيُّ من رواية الدَّرَاوَرْدِيِّ عنه‏.‏

وقال الترمذيُّ‏:‏ لا نعرفه إلا من حديث عمرو عن عكرمة‏.‏

2969- وقد روى سفيان عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عبَّاس أنَّه قال‏:‏ من أتى بهيمة فلا شيء عليه‏.‏

حدَّثنا بذلك ابن بشَّار عن ابن مهديٍّ عن الثوريِّ‏.‏

وهذا أصحُّ‏.‏

وروى ابن إسحاق هذا الحديث عن عمرو بن أبي عمرو، فقال‏:‏ ‏"‏ملعون من عمل عمل قوم لوط ‏"‏ ولم يذكر القتل‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ حديث عاصم يضعِّف حديث عمرو بن أبي عمرو‏.‏

قال البيهقيُّ‏:‏ وقد رويناه من أوجه عن عكرمة، ولا أرى عمرو بن أبي عمرو يقصر عن عاصم بن بهدلة في الحفظ، كيف وقد تابعه على روايته جماعة‏؟‏‏!‏ وعكرمة عند أكثر الأئمة من الثقات الأثبات O‏.‏

مسألة ‏(‏714‏)‏‏:‏ إذا تزوَّج ذات محرم، ووطئها- مع علمه بالتحريم-، فعليه الحدُّ‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ التعزير‏.‏

لنا حديثان‏:‏ أحدهما‏:‏ الحديث المتقدِّم‏:‏ ‏"‏من وقع على ذات محرم فاقتلوه‏"‏‏.‏

2970- الحديث الثاني‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا وكيع ثنا حسن ابن صالح عن السُّدِّيِّ عن عَدِيِّ بن ثابت عن البراء قال‏:‏ لقيت خالي- يعني‏:‏ أبا بردة- ومعه الراية، فقلت‏:‏ أين تريد‏؟‏ فقال‏:‏ بعثني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى رجلٍ تزوَّج امرأة أبيه من بعده، أن أضرب عنقه، وآخذ ماله‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث رواه أصحاب ‏"‏ السنن الأربعة ‏"‏، وفي إسناده اختلافٌ‏.‏

ورواه النَّسائيُّ أيضًا عن أحمد بن عثمان بن حكيم عن أبي نعيم عن الحسن ابن صالح به O‏.‏

مسألة ‏(‏715‏)‏‏:‏ إذا أذنت المرأة لزوجها في وطء جاريتها، ففعل- مع علمه بالتحريم-، فعليه تعزير مائة‏.‏

وقال أكثرهم‏:‏ حدُّه حدُّ الزَّاني‏.‏

2971- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا يزيد أنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن حبيب بن سالم قال‏:‏ رُفع إلى النعمان بن بشير رجلٌ أحلت له امرأته جاريتها، فقال‏:‏ لأقضين فيها بقضية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إن كانت أحلَّتها له‏:‏ لأجلدنَّه مائة‏:‏ وإن لم تكن أحلَّتها له‏:‏ لأرجمنَّه‏.‏

قال‏:‏ فوجدها قد أحلَّتها له، فجلده مائة‏.‏

ز‏:‏ روى حديث النعمان هذا‏:‏ أصحاب ‏"‏السنن الأربعة‏"‏‏.‏

وقال الترمذيُّ‏:‏ في إسناده اضطرابٌ، سمعت محمَّد بن إسماعيل يقول‏:‏ لم يسمع قتادة من حبيب هذا الحديث‏.‏

وهذا الذي قاله البخاريُّ صحيحٌ، فإنَّ قتادة سمع هذا الحديث من خالد ابن عرفطة عن حبيب، ثم قال قتادة‏:‏ فكتبت إلى حبيب بن سالم، فكتب إليَّ بهذا‏.‏

وهذا لا يطعن في الحديث، فكم من حديث في ‏"‏ الصحيح ‏"‏ قد روي بالكتابة‏.‏

والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏716‏)‏‏:‏ إذا أقرَّ أنَّه زنا بامرأةٍ، فجحدت، لم يسقط عنه الحدُّ‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يسقط‏.‏

2972- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا حسين بن محمَّد ثنا مسلم بن خالد عن عبَّاد بن إسحاق عن أبي حازم عن سهل بن سعد أنَّ رجلاً من أسلم، جاء إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ إنَّه قد زنا بامرأة سمَّاها، فأرسل النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المرأة، فدعاها، فسألها عما قال، فأنكرت، فحدَّه وتركها‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ مسلم بن خالد هو‏:‏ الزنجيُّ، قال عليُّ بن المدينيِّ‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال الرازيُّ‏:‏ لا يحتجُّ به‏.‏

وقال البخاريُّ‏:‏ هو منكر الحديث‏.‏

ز‏:‏ مسلم بن خالد‏:‏ وثَّقه ابن معين، ولم يتفرَّد بهذا الحديث، لا هو، ولا شيخه، فقد رواه أبو داود عن عثمان بن أبي شيبة عن طلق بن غنَّام عن عبد السلام بن حفص عن أبي حازم‏.‏

وعبد السلام‏:‏ وثَّقه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم‏:‏ ليس بمعروف O‏.‏

مسألة ‏(‏717‏)‏‏:‏ حدُّ الزنا لا يثبت بإقرار مرَّة، خلافًا لمالك والشافعيِّ‏.‏

لنا‏:‏ حديث ماعز، وله تسعة طرق‏:‏ 2973- الطريق الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا أسود بن عامر ثنا إسرائيل عن جابر عن عامر عن عبد الرحمن بن أبزى عن أبي بكر قال‏:‏ كنت جالسًا عند النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجاء ماعز بن مالك، فاعترف عنده مرَّةً، فردَّه، ثم جاء فاعترف عنده الثانية، فردَّه، ثم جاء فاعترف الثالثة، فردَّه، فقلت له‏:‏ إنَّك إن اعترفت الرابعة رجمك‏.‏

قال‏:‏ فاعترف الرابعة، فحبسه، ثم سأل عنه، فقالوا‏:‏ ما نعلم إلا خيرا‏.‏

فأمر برجمه‏.‏

ز‏:‏ جابر هو‏:‏ الجُعفيُّ، ولا يحتجُّ به O‏.‏

2974- الطريق الثاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا يونس ثنا أبو عوانة عن سماك عن سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس قال‏:‏ لقي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ماعز بن مالك، فقال‏:‏ ‏"‏أحقٌّ ما بلغني عنك‏؟‏‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وما بلغك عنِّي‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ ‏"‏بلغني أنك فجرت بأمة آل فلان‏"‏‏.‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

فردَّه، حتَّى شهد أربع مرَّات، ثم أمر برجمه‏.‏

ز‏:‏ رواه مسلمٌ عن قتيبة بن سعيد وأبي كامل الجَحْدَريِّ، ورواه أبو داود عن مسدَّد، ورواه الترمذيُّ والنَّسائيُّ جميعًا عن قتيبة، ثلاثتهم عن أبي عوانة به‏.‏

وقال الترمذيُّ‏:‏ حديثٌ حسنٌ، وروى شعبة هذا الحديث عن سماك عن سعيد بن جبير مرسلاً، ولم يذكر فيه ابن عباس O‏.‏

2975- الطريق الثالث‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا عبد الرزَّاق أنا إسرائيل عن سماك عن سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس قال‏:‏ أتى رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ماعزٌ، فاعترف عنده مرتين، فقال‏:‏ ‏"‏اذهبوا به‏"‏‏.‏

ثم قال‏:‏ ‏"‏ردُّوه‏"‏‏.‏

فاعترف مرتين، حتَّى اعترف أربع مرَّات، فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏اذهبوا به فارجموه‏"‏‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود عن نصر بن عليٍّ عن أبي أحمد الزبيريِّ عن إسرائيل، ورواه النَّسائيُّ من رواية إسرائيل وزهير كلاهما عن سماك به O‏.‏

2976- الطريق الرابع‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا أسود بن عامر ثنا شريك عن سماك عن جابر بن سمرة أنَّ ماعزًا جاء، فأقرَّ عند النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربع مرَّات، فأمر برجمه‏.‏

ز‏:‏ رواه مسلمٌ عن أبي كامل الجَحْدَريِّ عن أبي عوانة عن سماك بنحوه أتمَّ منه، ثم قال‏:‏ 2977- حدَّثنا محمَّد بن المثنَّى وابن بشَّار- واللفظ لابن مثنَّى- قالا‏:‏ ثنا محمَّد بن جعفر ثنا شعبة عن سماك بن حرب قال‏:‏ سمعت جابر بن سمرة قال‏:‏ أُتي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برجل قصير أشعث، ذي عضلات، عليه إزار، وقد زنى، فردَّه مرَّتين، ثم أمر به فرجم، قال‏:‏ فحدَّثْتُه سعيد بن جبير فقال‏:‏ إنه ردَّه أربع مرَّات‏.‏

2978- الطريق الخامس‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا يزيد قال‏:‏ أنا حجَّاج ابن أرطاة عن عبد الملك بن المغيرة عن عبد الله بن المقدام عن ابن شدَّاد عن أبي ذرٍّ قال‏:‏ كنَّا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتاه رجل، فقال‏:‏ إن الآخِر قد زنا، فأعرض عنه، ثم ثنَّى، ثم ثلَّث، ثم ربَّع، فأمرنا فحفرنا له، فرجم‏.‏

ز‏:‏ هذا الحديث لم يخرجوه بهذا الإسناد‏.‏

وحجَّاج‏:‏ فيه كلامٌ‏.‏

وعبد الملك هو‏:‏ الطائفيُّ، وقد وثَّقه ابن حِبَّان، وروى له الترمذيُّ حديثًا‏.‏

وعبد الله بن المقدام بن الورد‏:‏ طائفيٌّ أيضًا، رأى ابن عمر يطوف بين الصفا والمروة، ولم يذكر ابن أبي حاتم فيه جرحًا، والله أعلم O‏.‏

2979- الطريق السادس‏:‏ قال أحمد‏:‏ حدَّثنا وكيع ثنا هشام بن سعد قال‏:‏ أخبرني يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه قال‏:‏ كان ماعز بن مالك في حجر أبي، فأصاب جارية من الحيِّ، فقال له أبي‏:‏ ائت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأخبره بما صنعت، لعله يستغفر لك، وإنما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرج، فأتاه، فقال‏:‏ يا رسول الله، إنِّي زنيت، فأقم عَلَيَّ كتاب الله‏.‏

فأعرض عنه، إلى أن أتاه الرابعة، فقال‏:‏ ‏"‏إنَّك قد قلتها أربع مرَّات، فبمن‏؟‏‏"‏‏.‏

قال‏:‏ بفلانة‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏هل ضاجعتها‏"‏‏.‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏هل باشرتها‏؟‏‏"‏‏.‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏هل جامعتها‏؟‏‏"‏‏.‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

فأمر به أن يرجم، فوجد مسَّ الحجارة، فخرج يشتدُّ، فلقيه عبد الله بن أنيس، فنزع له بوظيف بعر، فقتله، وذكر ذلك للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ ‏"‏هلا تركتوه‏؟‏ لعله يتوب، فيتوب الله عليه‏"‏‏.‏

قال هشام‏:‏ فحدَّثني ابن نعيم بن هزال عن أبيه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له حين رآه‏:‏ ‏"‏والله يا هزال، لو كنت سترته بثوبك كان خيرًا مما صنعت به‏!‏‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا الإسناد صالحٌ‏.‏

وهشام بن سعد‏:‏ روى له مسلمٌ، وقد تُكلِّم فيه من قبل حفظه‏.‏

ويزيد بن نعيم‏:‏ روى له مسلمٌ أيضًا، وذكره ابن حِبَّان في كتاب ‏"‏ الثقات‏"‏‏.‏

وأبوه نعيم بن هزال مختلف في صحبته، فإن لم تثبت صحبته فآخر هذا الحديث مرسلٌ، وقد ذكره ابن حِبَّان في ‏"‏ الثقات ‏"‏ أيضًا‏.‏

وقد روى النَّسائيُّ حديث هزال من غير وجه عن يزيد، وفي إسناده اختلاف، والله أعلم O‏.‏

2980- الطريق السابع‏:‏ قال أحمد‏:‏ وحدَّثنا أبو نعيم ثنا بشير بن المهاجر قال‏:‏ حدَّثني عبد الله بن بريدة عن أبيه قال‏:‏ كنت جالسًا عند النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذ جاءه رجل يقال له ماعز بن مالك، فقال‏:‏ يا نبيَّ الله، إنِّي قد زنيت، وأنا أريد أن تطهِّرني‏.‏

فقال له النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ارجع‏"‏‏.‏

فلمَّا كان من الغد أتاه أيضًا، فاعترف عنده بالزِّنا، فقال له‏:‏ ‏"‏ارجع‏"‏‏.‏

ثم عاد إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثالثة، فاعترف عنده بالزِّنا، ثم رجع الرابعة، فاعترف عنده بالزِّنا، فأمر النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحُفر له حفرة، فجُعل فيها إلى صدره، ثم أمر الناس أن يرجموه، قال بريدة‏:‏ كنَّا نتحدث أصحاب نبيِّ الله بيننا‏:‏ أنَّ ماعز بن مالك لو جلس في رحله بعد اعترافه ثلاث مرَّات لم يطلبه، وإنَّما رجمه عند الرابعة‏.‏

انفرد بإخراجه مسلمٌ‏.‏

ز‏:‏ بشير بن المهاجر‏:‏ وثَّقه ابن معين، وقال أحمد‏:‏ منكر الحديث، قد اعتبرت أحاديثه فإذا هو يجيء بالعجب‏.‏

وقال البخاريُّ‏:‏ يخالف في بعض حديثه O‏.‏

2981- الطريق الثامن‏:‏ قال البخاريُّ‏:‏ حدَّثنا سعيد بن عفير قال‏:‏ حدَّثني الليث قال‏:‏ حدَّثني عبد الرحمن بن خالد عن ابن شهاب عن ابن المسيَّب عن أبي هريرة قال‏:‏ أتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل من أسلم وهو في المسجد، فناداه‏:‏ يا رسول الله، إن الآخر قد زنا‏.‏

فأعرض عنه النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتنحَّى لشقِّ وجهه الذي أعرض قبله، فقال‏:‏ يا رسول الله، إنِّي قد زنيت فأعرض عنه، فجاء لشقِّ وجه النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي أعرض عنه، فلما شهد على نفسه أربع شهادات، دعاه النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ ‏"‏أبك جنون‏؟‏‏"‏‏.‏

قال‏:‏ لا، يا رسول الله‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏أحصنت‏؟‏‏"‏‏.‏

قال‏:‏ نعم، يا رسول الله‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏اذهبوا به فارجموه‏"‏‏.‏

أخرجه البخاريُّ ومسلمٌ في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

2982- الطريق التاسع‏:‏ قال الترمذيُّ‏:‏ حدَّثنا أبو كريب ثنا عَبْدة بن سليمان عن محمَّد بن عمرو ثنا أبو سلمة عن أبي هريرة قال‏:‏ جاء ماعز الأسلميُّ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ إنَّه قد زنا‏.‏

فأعرض عنه، ثم جاء من شقه الآخر، فقال‏:‏ إنَّه قد زنا‏.‏

فأعرض عنه، ثم جاء من شقه الآخر، فقال‏:‏ يا رسول الله، إنَّه قد زنا‏.‏

فأعرض عنه، ثم جاء من شقه الآخر، فقال‏:‏ يا رسول الله، قد زنى‏.‏

فأمر به- في الرابعة- فأخرج إلى الحرَّة، ورجم بالحجارة، فلما وجد مسَّ الحجارة، فرّ يشتدُّ، حتَّى مرَّ برجل معه لَحْي جمل، فضربه به، وضربه الناس حتَّى مات، فذكروا ذلك لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنَّه فرَّ حين وجد مسَّ الحجارة، ومسَّ الموت، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏هلا تركتموه‏؟‏‏!‏‏"‏‏.‏

ز‏:‏ قال الترمذيُّ‏:‏ هذا حديثٌ حسنٌ‏.‏

قال‏:‏ وروي عن أبي سلمة عن جابر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحو هذا‏.‏

ورواه النَّسائيُّ عن أحمد بن سليمان عن يزيد بن هارون عن محمَّد بن عمرو به، ورواه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبَّاد بن العوَّام عن محمَّد بنحوه‏.‏

وقد روي حديث ماعز من طرقٍ صحيحةٍ غير الذي ذكرها المؤلِّف، من حديث أبي سعيد وجابر وغيرهما، والله أعلم O‏.‏

احتجُّوا‏:‏ بحديث العسيف، وقوله‏:‏ ‏"‏واغد يا أنيس على امرأة هذا، فان اعترفت فارجمها‏"‏‏.‏

وقد ذكرناه بإسناده في المطاوعة، في كتاب الصوم ووجه احتجاجهم به‏:‏ أنَّه لم يشترط الأربع‏.‏

وجوابه‏:‏ أنَّ المعنى‏:‏ إن اعترفت الاعتراف المعلوم بالتردُّد‏.‏

مسألة ‏(‏718‏)‏‏:‏ إذا أقرَّ بالزنا، ثم رجع عنه، سقط الحدُّ، خلافًا لداود، وإحدى الروايتين عن مالك‏.‏

لنا‏:‏ حديث أبي هريرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه لما أخبر أنَّ ماعزًا فرَّ حين رجم، قال‏:‏ ‏"‏هلا تركتموه‏؟‏‏"‏‏.‏

وقد سبق بإسناده‏.‏

مسألة ‏(‏719‏)‏‏:‏ للسَّيِّد إقامة الحدِّ على رقيقه، خلافًا لأبي حنيفة‏.‏

لنا ثلاثة أحاديث‏:‏ 2983- الحديث الأوَّل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الأعلى الثعلبيِّ عن أبي جميلة الطُّهَويِّ عن عليٍّ أنَّ خادمًا للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحدثت، فأمرني النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أقيم عليها الحدَّ، فأتيتها، فوجدتها لم تجفّ من دمها، فأتيته، فأخبرته، فقال‏:‏ ‏"‏إذا جفَّت من دمها فأقم عليها الحدَّ، أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم‏"‏‏.‏

2984- الحديث الثاني‏:‏ قال الترمذيُّ‏:‏ حدَّثنا أبو سعيد الأشج ثنا أبو خالد الأحمر ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ثلاثًا، فإن عادت فليبعها ولو بحبل من شعر‏"‏‏.‏

قال الترمذيُّ‏:‏ الحديثان صحيحان‏.‏

ز‏:‏ الحديث الأوَّل‏:‏ رواه أبو داود عن محمَّد بن كثير عن إسرائيل عن عبد الأعلى‏.‏

ورواه النَّسائيُّ من رواية سفيان وغيره عن عبد الأعلى، وهو‏:‏ ابن عامر الثعلبيُّ- بالثاء المثلثة، والعين المهملة-، وقد ضعَّفه أحمد وغيره، وقال النَّسائيُّ‏:‏ ليس بالقويِّ‏.‏

2985- وقال مسلمٌ في ‏"‏ صحيحه ‏"‏‏:‏ ثنا محمَّد بن أبي بكر المقدميُّ ثنا سليمان أبو داود ثنا زائدة عن السُّدِّيِّ عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن قال‏:‏ خطب عليٌّ رضي الله عنه، فقال‏:‏ يا أيها الناس، أقيموا على أرقائكم الحدَّ، من أحصن منهم، ومن لم يحصن، فإنَّ أمةً لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زنت، فأمرني أن أجلدها، فإذا هي حديث عهد بنفاس، فخشيت- إن أنا جلدتها- أن أقتلها، فذكرت ذلك للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال‏:‏ ‏"‏أحسنت‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وحدَّثناه إسحاق بن إبراهيم أنا يحيى بن آدم ثنا إسرائيل عن السُّدِّيِّ بهذا الإسناد، ولم يذكر‏:‏ ‏(‏من أحصن منهم، ومن لم يحصن‏)‏، وزاد في الحديث‏:‏ ‏(‏اتركها حتَّى تماثل‏)‏‏.‏

وقد روى هذا الحديث‏:‏ الترمذيُّ عن الحسن بن عليٍّ الخلال عن أبي داود الطيالسيِّ، وصحَّحه، ولم يصحَّح حديث عبد الأعلى، ولا رواه، والله أعلم‏.‏

والحديث الثاني‏:‏ رواه النَّسائيُّ عن أبي سعيد الأشج أيضًا، ورواه من حديث الثوريِّ، ومن حديث أبي خالد عن الأعمش، كلاهما عن حبيب ابن أبي ثابت عن أبي صالح به‏.‏

ورواه سعيد بن أبي سعيد الجرحانيُّ عن سفيان عن الأعمش عن حبيب O‏.‏

2986- الحديث الثالث‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا سفيان ثنا الزهريُّ عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجُهنيِّ وشبل قالوا‏:‏ سئل النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الأمة تزني قبل أن تحصن، قال‏:‏ ‏"‏اجلدوها، فإن عادت فاجلدوها، فان عادت فاجلدوها، فإن عادت فبيعوها ولو بضفير‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏ الصحيحين‏"‏‏.‏

مسألة ‏(‏720‏)‏‏:‏ حدُّ شارب الخمر ثمانون‏.‏

وعنه‏:‏ أربعون‏.‏

2987- قال الترمذيُّ‏:‏ حدَّثنا محمَّد بن بشَّار ثنا محمَّد بن جعفر ثنا شعبة قال‏:‏ سمعت قتادة يحدِّث عن أنس عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه أُتي برجل قد شرب الخمر، فضربه بجريدتين نحو الأربعين، وفعله أبو بكر، فلمَّا كان عمر، استشار الناس، فقال عبد الرحمن بن عوف‏:‏ أخفُّ الحدود ثمانون‏.‏

فأمر به عمر‏.‏

هذا حديثٌ صحيحٌ‏.‏

وربَّما اعترضوا فقالوا‏:‏ إذا كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد ضرب نحوا من أربعين، فكيف يجوز التجاوز‏؟‏‏!‏ قلنا‏:‏ إنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يحدِّ في ذلك حدًّا، ولو حدَّه ما تجاوز به الصحابة، وإنَّما ضرب تأديبًا وعقوبة، فبلغ الضرب نحو أربعين، فلما فهمت الصحابة أنَّ المقصود الزجر ألحقوه بأخفِّ الحدود‏.‏

وهذا مذهب عمر وعثمان وعبد الرحمن وطلحة والزبير‏.‏

ز‏:‏ حديث أنس هذا‏:‏ مخرَّجٌ في ‏"‏ الصحيحين ‏"‏ من حديث شعبة وغيره عن قتادة‏.‏

2988- وقال مسلمٌ في ‏"‏ الصحيح ‏"‏‏:‏ حدَّثني محمَّد بن منهال الضرير ثنا يزيد بن زريع ثنا سفيان الثوريُّ عن أبي حَصين عن عمير بن سعيد عن عليٍّ قال‏:‏ ما كنت أقيم على أحد حدًّا، فيموت فيه، فأجد منه في نفسي، إلا صاحب الخمر، لأنَّه إن مات وديته، لأنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يَسُنّه‏.‏

وقد رواه البخاريُّ من حديث سفيان‏.‏

2989- وقال الطحاويُّ‏:‏ ثنا سليمان بن شعيب ثنا الخَصِيب بن ناصح ثنا عبد العزيز بن مسلم عن مطرِّمف عن عمير بن سعيد النخعيِّ قال‏:‏ قال عليٌّ‏:‏ من شرب الخمر، فجلدناه، فمات، وديناه، لأنَّه شيءٌ صنعناه‏.‏

وقد حكى الطحاويُّ إجماع أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الثمانين‏.‏

2990- وروى- بإسناد غريب لا يثبت- عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا‏:‏ ‏"‏من شرب بسقة خمرٍ، فاجلدوه ثمانين ‏"‏ O‏.‏

مسألة ‏(‏721‏)‏‏:‏ يضرب في الحدود جميع البدن، ما عدا‏:‏ الرأس، والوجه، والفرج‏.‏

وقال مالكٌ‏:‏ يضرب الظهر وما يقاربه حسب‏.‏

2991- قال سعيد بن منصور‏:‏ ثنا هشيم أنا ابن أبي ليلى عن عَديِّ بن ثابت قال‏:‏ أخبرني هنيدة بن خالد الكنديُّ أنَّه شهد عليًّا عليه السلام أقام على رجل حدًّا، فقال للجلاد‏:‏ اضربه، وأعط كلَّ عضو منه حقَّه، واتَّق وجهه ومذاكيره‏.‏

مسألة ‏(‏722‏)‏‏:‏ لا يستوفى الحدُّ في دار الحرب‏.‏

وقال مالكٌ والشافعيُّ‏:‏ يستوفى‏.‏

2992- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا الحسن بن موسى ثنا عبد الله بن لهيعة ثنا عيَّاش بن عبَّاس عن شِيَيْم بن بَيْتَان عن جنادة بن أبي أميَّة أنَّه قال على المنبر برودس- حين جلد الرجلين اللذين سرقا غنائم الناس- فقال‏:‏ إنَّه لم يمنعني من قطعهما إلاَّ أنَّ بُسر بن أرطاة وجد رجلاً يسرق في الغزو، فجلده، ولم يقطع دوه، وقال‏:‏ نهانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن القطع في الغزو‏.‏

2993- وقال سعيد بن منصور‏:‏ ثنا إسماعيل بن عيَّاش عن أبي بكر ابن أبي مريم عن حميد بن عقبة بن رومان عن أبي الدرداء أنَّه كان ينهى أن تقام الحدود على الرجل وهو غاز في سبيل الله حتَّى يقفل، مخافة أن تلحقه الحميَّة فيلحق بالكفَّار‏.‏

قال المصنِّف‏:‏ ابن لهيعة و ‏[‏إسماعيل‏]‏ بن عيَّاش ضعيفان‏.‏

ز‏:‏ أمَّا الحديث الأوَّل‏:‏ فلم ينفرد به ابن لهيعة، فلا معنى لتضعيفه، فقد رواه الإمام أحمد أيضًا عن عَتَّاب بن زياد عن عبد الله- وهو ابن المبارك- عن سعيد بن يزيد عن عيَّاش‏.‏

ورواه أبو داود عن أحمد بن صالح عن ابن وهب عن حيوة بن شريح عن عيَّاش عن شِيَيْم ويزيد بن صُبْح الأصبحيِّ، كلاهما عن جنادة بنحوه‏.‏

ورواه الترمذيُّ عن قتيبة عن ابن لهيعة، وقال‏:‏ غريبٌ، وقد رواه غير ابن لهيعة بهذا الإسناد نحو هذا‏.‏

ورواه النَّسائيُّ من رواية حيوة عن عيَّاش عن جنادة، ولم يذكر بين عيَّاش وجنادة أحدًا‏.‏

وبُسر هو‏:‏ ابن أرطاة، ويقال‏:‏ ابن أبي أرطاة، القرشيُّ، العامريُّ، الشاميُّ، وقد اختلف في سماعه من النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والله أعلم‏.‏

وأمَّا حديث أبي الدرداء‏:‏ ففيه‏:‏ أبو بكر بن أبي مريم، وهو أضعف من إسماعيل بن عيَّاش‏.‏

وفيه‏:‏ حميد بن عقبة، وليس بذاك المشهور، وهو‏:‏ القرشيُّ، ويقال‏:‏ الفلسطينيُّ، وقد ذكره البخاريُّ وابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحًا، والله أعلم O‏.‏

احتجُّوا‏:‏ 2994- بما رواه أبو داود في ‏"‏ المراسيل‏"‏، قال‏:‏ حدَّثنا هشام بن خالد الدمشقيُّ ثنا الحسن بن يحيى الخشنيُّ عن زيد بن واقد عن مكحول عن عبادة بن الصامت قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أقيموا الحدود في الحضر والسفر، على القريب والبعيد، ولا تبالوا في الله لومة لائم‏"‏‏.‏

والجواب‏:‏

أنَّ زيد بن واقد ضعيفٌ‏.‏

ويحيى الخشنيُّ‏:‏ ليس بشيء، قال يحيى بن معين‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال النَّسائيُّ‏:‏ ليس بثقة‏.‏

وقال الدَّارَقُطْنِيُّ‏:‏ متروكٌ‏.‏

ثم إنَّ مكحولاً لم يلق عبادة‏.‏

ثم نحمله على غير سفر الغزو‏.‏

ز‏:‏ كلام المؤلِّف على هذا الحديث فيه نظرٌ، من وجوه‏:‏ أحدها‏:‏ تضعيفه زيد بن واقد، فإنَّ زيد بن واقد راوي هذا الحديث هو‏:‏ الدمشقيُّ، وقد روى له البخاريُّفي ‏"‏ صحيحه ‏"‏، ووثَّقه أحمد وابن معين ودحيم والدَّارَقُطْنِيُّ وغيرهم‏.‏

وأمَّا زيد بن واقد المتكلَّم فيه، فهو أبو علي السمتيُّ البصريُّ، نزيل الريِّ، روى عن حميد الطويل، قال أبو زرعة‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

ووثَّقه أبو حاتم، وروى عنه، وقال‏:‏ كان شيخًا فانيًا كبيرًا‏.‏

الثاني‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏ويحيى الخشنيُّ ليس بشيء‏)‏، والصواب‏:‏ الحسن بن يحيى الخشنيُّ‏.‏

الثالث‏:‏ حكايته عن ابن معين تضعيفه، وعدم حكايته توثيق من وثَّقه، وقد وثَّقه ابن معين- في رواية-، وقال دُحيم‏:‏ لا بأس به‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ صدوقٌ، سيء الحفظ‏.‏

وقال الحاكم أبو أحمد‏:‏ ربَما يخطئ في الشيء‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ هو ممن تحتمل رواياته‏.‏

وقد قال ابن أبي حاتم‏:‏ سألت أبي عن حديث رواه الحسن بن يحيى الخشنيُّ عن زيد بن واقد عن مكحول عن جبير بن نفير عن عبادة بن الصامت قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أقيموا الحدود في الحضر والسفر، على القريب والبعيد، ولا تأخذكم في الله لومة لائم‏"‏‏.‏

فقال أبي‏:‏ هذا حديث حسنٌ، إن كان محفوظًا‏.‏

هكذا ذكره بزيادة‏:‏ ‏(‏جبير بن نفير‏)‏، والله أعلم‏.‏

وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن عبادة‏:‏ 2995- قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا أبو اليمان وإسحاق بن عيسى قالا‏:‏ ثنا إسماعيل بن عيَّاش عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن أبي سلام- قال إسحاق الأعرج‏:‏ عن المقدام بن معدي كرب الكنديِّ- أنه جلس مع عبادة بن الصامت وأبي الدرداء والحارث بن معاوية الكنديِّ، فتذاكروا حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال أبو الدرداء لعبادة‏:‏ يا عبادة، كلمات رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة كذا، في شأن الأخماس‏.‏

فقال عبأدة- قال إسحاق في حديثه‏:‏ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى بهم في غزوهم إل بعير من المقسم، فلم سلَّم، قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتناول وبرة بين أنملتيه، فقال‏:‏ ‏"‏إن هذه من غنائمكم، وإنه ليس لي فيها إلا نصيبي معكم، إلا الخمس، والخمس مردود عليكم، فأدُّوا الخيط والمخيط، وأكبر من ذلك وأصغر، ولا تغلُّوا، فإنَّ الغلول نار وعار على أصحابه في الدنيا والآخرة، وجاهدوا الناس في الله تبارك وتعالى، القريب والبعيد، ولا تبالوا في الله لومة لائم، وأقيموا حدود الله في الحضر والسفر، وجاهدوا في سبيل الله، فإنَّ الجهاد باب من أبواب الجنة عظيم، ينجي الله به من الغمِّ والهمِّ‏"‏‏.‏

أبو بكر بن أبي مريم‏:‏ ضعيفٌ، لكنَّه لم يتفرَّد بهذا الحديث، فقد روى نحوه عبد الله بن أحمد من رواية إسماعيل عن سعيد بن يوسف عن يحيى بن أبي كثير عن سلام، وقد رواه عبد الله أيضًا من رواية القاسم بن الوليد عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن عبأدة، ولفظه‏:‏ ‏"‏وجاهدوا في سبيل الله القريب والبعيد، في الحضر والسفر، وأقيموا حدود الله تعالى في القريب والبعيد، ولا تأخذكم في الله لومة لائم‏"‏‏.‏

هكذا رواه بهذا اللفظ، والله أعلم O‏.‏